مسيحنا فوق الزمان

الأربعاء، 2 يونيو 2010

قراءات يوم الأربعاء الموافق 2 يونيو 2010

201025 بشنس 1726







عشــية


مزمور العشية


من مزامير أبينا داود النبي ( 17 : 34 ،40 )


الذي يُعلِّم يديَّ القتالَ. وجعلَ ساعديَّ أقواساً مِن نحاسٍ. ومَنطَقتنِي قوَّة في الحربِ. وعقلت كلَّ الذين قاموا عليَّ تحتي. هللويا.


إنجيل العشية


من إنجيل معلمنا متى البشير ( 8 : 5 ـ 13 )


ولمَّا دخلَ كفرناحوم، جاء إليه قائد مِئَةٍ يطلب إليه قائلاً: " ياسيِّدي، غُلامي مطروحٌ في بيتي مُخلَّعاً مُعذَّباً جدّاً ". فقال له يسوع: " أنا آتي وأشفيه ". فأجاب قائد المِئَة وقال: " ياربُّ، لستُ مُستحقّاً أن تدخل تحت سقف بيتي، لكن قُل كلمةً فقط فيبرأ غلامي. لأنِّي أنا أيضاً إنسانٌ تحت سلطانٍ. لي جندٌ تحت يدي. أقول لهذا: اذهب فيذهب، ولآخر: تعال فيأتي، ولعبـدي: افعل هذا فيفعل ". فلمَّـا سَمِع يسـوع تعجَّب، وقال للذين يتبعـونـه: " الحقَّ أقول لكم، إنِّي لم أجد إيماناً بمقدار هذا في أحد في إسرائيل. وأقول لكم: إنَّ كثيرين سيأتون مِن المشارق والمغارب ويتَّكئون مع إبراهيم وإسحق ويعقوب في ملكوت السَّمَوات، وأمَّا بنو الملكوت فيُطرحون إلى الظُّلمة الخارجيَّة. حيث البُكاء وصرير الأسنان ". ثُمَّ قال يسوع لقائد المئة: " اذهب، وكما آمنت ليكن لكَ ". فَبَرَأَ الغلامُ في تلكَ السَّاعة.


( والمجد للـه دائماً ).






باكــر


مزمور باكر


من مزامير أبينا داود النبي ( 67 : 33 ، 4 )


عجيبٌ هو الله في قدِّيسِيه. إلهُ إسرائيلَ هو يُعطي قوةً وعِزاً لشعبِهِ. والصِّدِّيقون يَفرحون ويتهلَّلون أمامَ اللهِ. ويَتَنَعَّمون بالسرورِ. هللويا.


إنجيل باكر


من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 12 : 4 ـ 12 )


ولكن أقول لكم يا أصدقائي: لا تخافوا من الذين يقتلون جسدكم، وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر. بل أُريكم مِمَّن تخافون: خافوا من الذي بعدما يَقتُل، له سلطانٌ أن يُلقي في جهنَّم. نعم أقول لكم: من هذا خافوا. أليست خمسة عصافير تُباع بفلسين، وواحدٌ منها ليس منسيّاً أمام الله؟بل شعور رؤوسكم أيضاً جميعها محصاةٌ. فلا تخافوا إذاً. أنتم أفضل من عصافير كثيرةٍ. وأقول لكم: كل من يعترف بي قُـدَّام النَّاس، يعترف به أيضاً ابن الإنسان قُدَّام ملائكة الله. ومن أنكرني قُدَّام النَّاس، يُنكَر أيضاً قُدَّام ملائكة الله. وكل مَن قال كلمةً على ابن الإنسان يُغفَرُ له، وأمَّا مَن يُجدِّف على الرُّوح القدس فلا يُغفر له. ومَتَى قدَّموكم إلى المجامع والرُّؤساء والسَّلاطين فلا تهتمُّوا كيف أو بما تُجاوِبون أو بما تقولون، لأن الرُّوح القدس يُعلِّمكم في تلك السَّاعة ما يجب أن تقولوه ".


( والمجد للـه دائماً )






القــداس


البولس من رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس


( 10 : 1 ـ 18 )


أنا نفسي بولس أطلُبُ إليكم بوَداعَةِ المسيح وحِلمِهِ، كما أنِّي ذليلٌ بينكم وأمامكُمْ، ولكن فيما أنا خارج عنكم فمتجاسرٌ عَليكُمْ. وأطلب أن أكون متجاسراً ولست عندكم بالثِّقة التي بها أظنّ أنِّي سأتجاسر على قوم الذين يحسبوننا كأنَّنا نسلك حسب الجسد. لأنَّنا وإن كُنَّا نسلك حسب الجسد، لا نُحارِب حسب الجسد. إذ أسلحة مُحارَبتنا ليست جسديَّة، بل هى قوات الله تهدم الحصون. وتهدم الآراء وكل عُلو يرتَفع ضِدَّ معرفة الله، ونسبي كلَّ فكر إلى طاعة المسيح، ومستعدِّينَ لأنْ ننتقم على كلِّ عصيان مَتَى كَمِلَتْ طاعتُكُم. أَتنظرونَ إلى ما هو قُدَّامكم؟ إن كان أحدٌ يثق من نفسه بأنَّه للمسيح، فليفكر في نفسه أيضاً: أنَّه كما هو للمسيح، كذلك نحن أيضاً! فإنِّى وإن افتخرتُ شيئاً أكثر بالسُّلطان الذي أعطاه لي الربُّ ( فهو ) للبنيان وليس لهدمِكُم، لا أُخجَلُ. لئلاَّ أَظهر كواحد يُخيفكُم بالرَّسائِل. لأنَّه يقول: " الرَّسائل ثقيلةٌ وقويَّةٌ، وحضور الجسد فضعيفٌ، والكلام مرذولٌ ". مِثل هذا فليَحسِب هذا: أنَّنا كما نحن في الكلام بالرَّسائل ونحنُ غائبونَ عنكم، هكذا نكون أيضاً بالفِعل ونحن حاضِرون عندكُم. لأنَّنا لا نتجاسر أن نُشَبِّه أنفسنا أو نُقايس ذواتنا بقوم يمدحون أنفسهم وحدهم، بل إذ هم يقيسونَ أنفسهم على أنفسهم، ويُقابلون أنفسهم بأنفسهم وهُم لا يفهمون. ولكن نحنُ لا نفتخر إلى ما لا يُقاس، بل حسب قياس القانون الذي رسمه لنا الله، للبلوغ إليه وإليكم بقياس. لأنَّنا لا نمدِّدُ أنفسنا كأنَّنا لا نَبْلُغُ إليكم. إذ قد وصلنا إليكم أيضاً في إنجيل المسيح. غير مُفتخرينَ إلى ما لا يُقاس في أتعاب آخرين، بل لنا رجاء ـ إذا نما إيمانكم ـ ليتعظَّم فيكم مثل قانوننا بزيادةٍ، لنُبشِّركُم بما هو أعظم من ذلك. لا لِنفتخر بالأمور المُعدَّة في قانون غريب. وأمَّا مَن يفتخر فليفتخر بالربِّ. لأنَّه ليسَ مَن يمدح نفسه وحده هو المُختار، بل من يمدحهُ الربُّ.


( نعمة اللـه الآب فلتحل على أرواحنا يا آبائي وإخوتي. آمين. )






الكاثوليكون من رسالة بطرس الرسول الأولى


( 4 : 1 ـ 11 )


فإذ قد تألَّم المسيح بالجسد عنَّا، تسلَّحوا أنتُم أيضاً بهذا المثال. فإن من تألَّم بالجسد، كُفَّ عن الخطيَّة، لكي لا يعيش أيضاً الزَّمان الباقي في الجسد، لشهوات النَّاس، بل لإرادة الله. لأنَّه يكفيكم الزَّمان الذي مَضى إذ كنتم تصنعون فيه إرادة الأُمم، وتسلكون في النجاسات والشَّهوات، وإدمان المُسكرات المتنوعة، والخلاعة، والدنس، وعبادة الأوثان المرذولة، الأمر الذي فيه يستغربونَ أنَّكُم لستُم تركضون معهم إلى فيض عدم الصَّحة عينها، مُجدِّفينَ. الذين سوف يعطون جواباً للذى هو على استعدادٍ أن يُدين الأحياء والأموات. فإنَّه لأجل هذا بُشِّرَ الموتى أيضاً، لكى يدانوا حسب النَّاس بالجسد، ولكن ليحيوا حسب الله بالرُّوح. وإنَّما نهاية كل شيءٍ قد اقتربت، فتعقَّلوا إذاً واسهروا في الصَّلوات. ولكن قبل كلِّ شيءٍ، فلتكن المحبَّة دائمةً فيكُم بعضكُم لبعضٍ، لأنَّ المحبَّة تستُر كثرةً من الخطايا. كونوا مُحبِّين ضيافة الغُرباء بعضكم لبعضٍ بلا تذمُّر. وليخدم كلُّ واحدٍ الآخرين بما نال من المواهب بعضكم بعضاً، كوكلاء صالحين على نعمة الله المتنوِّعة. مَن يتكلَّم فكأقوال الله. ومَن يخدم فكأنَّه من قوَّةٍ يُهيئها الله، لكى يتمجَّد الله في كل شيءٍ بيسوع المسيح، الذي له المجد والسُّلطان إلى أبد الآبدين. آمين.


( لا تحبوا العالم، ولا الأشياء التي في العالم، لأن العالم يزول وشهوته معه، وأما من يعمل بمشيئة اللـه فإنه يبقى إلى الأبد. )






الإبركسيس فصل من أعمال آبائنا الرسل


( 12 : 25 ، 13 : 1 ـ 12 )


ورجع برنابا وشاول من أورشليم بعد ما كمَّلا الخدمة، وأخذا معهما يوحنَّا أيضاً المُلقَّب مرقس. وكان في كنيسة أنطاكية أنبياء ومعلِّمون: برنابا، وسمعان الذي يُدعَى نيجر، ولوقيوس القيروانيُّ، ومناين الذي تربَّى مع هيرودس رئيس الرُّبع، وشاول. وبينما هم يخدمون الربَّ ويصومون، قال الرُّوح القدس: " افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي قد دعوتهما إليه. حينئذٍ صاموا وصلُّوا ووضعوا عليهما الأيادي ثُمَّ أطلقوهما. فهذان إذ أُرسِلا من الرُّوح القدس انحدرا إلى سلوكية، ومن هناك سافرا في البحر إلى قبرس. ولمَّا وصلا إلى سلامينا ناديا بكلمة الله في مجامع اليهود. وكانا معهما يوحنَّا خادماً. ولمَّا اجتازوا الجزيرة كلها إلى بافوس، وجدا رجلاً سـاحراً نبيَّاً كـذَّاباً يهوديَّــاً اســمه باريشوع، هذا كان مع الوالي سرجيوس بولـس، وهو رجلٌ فهيمٌ. فهذا دعا برنابا وشاول والتمس أن يسمع كلمة الله. فقاوَمهما عليمٌ السَّاحر، لأن هكذا يُترجَم اسمه، طالباً أن يُفسِد الوالي عن الإيمان. أمَّا شاول، الذي هو بولس أيضاً، فامتلأ من الرُّوح القدس وقال: " أيُّها المُمتلئُ من كـلِّ غشٍّ وكـلِّ خبثٍ! يا ابن إبليـس! يا عـدوَّ كلِّ برٍّ! ألا تـزال تُفسِد سُبل الربِّ المُستقيمة؟ فالآن هوذا يد الربِّ تأتي عليكَ، فتكون أعمى لا تُبصر الشَّمس إلى حينٍ ". ففي الحال وقع عليه ضبابٌ وظلمةٌ، وكان يَدورُ مُلتمِساً مَن يقوده بيده. فالوالي حينئذٍ لمَّا رأى، آمن وتعجب مِن تعليم الربِّ.


( لم تزل كلمة الرب تنمو وتكثر وتعتز وتثبت، في بيعة اللـه المقدسة. آمين. )






السنكسار


اليوم الخامس والعشرون من شهر بشنس المبارك


1. شهادة القديس كولوتس الانصناوي ( الشهير باسم أبو قُلته ).


2. نياحة الأرخن الكريم المعلم إبراهيم الجوهري .


1 ـ في مثل هذا اليوم استشهد القديس كولوتس الانصناوي. كان القديس ابناً لوالدين يخافان الله. وكان والده والياً على انصنا وظل يطلب من الرب يسوع المسيح أن يُرزق ولداً. فرزقه هذا القديس. فأدبه بالآداب المسيحية وعلَّمه الكتابة، فحفظ كثيراً من كتب وتعاليم الكنيسة. وكان طاهراً منذ صغره. وأراد أبوه أن يزوجـه فلم يقبل. أما أخته فإنها تزوجت اريانا الذي تسلَّم الولاية بعد والدها، ولمَّا توفى والد هذا القديس، بنى فندقاً للغرباء. ثم درس الطب حتى أتقنه وكان يداوي المرضى بلا أجر. ولمَّا كفر دقلديانوس، انحاز إليه اريانا حفظاً لمركزه. وصار يعذب المسيحيين، فتقدم القديس كولوتس شقيق زوجة اريانا وصار يوبِّخه على تركه عبادة الإله الحقيقي، كما لعن آلهه الملك المرذولة. فلم يمسه اريانا بأذى إكراماً لأخته، بل أرسله إلى والي البهنسا، حيث أودعه السجن ثلاث سنوات. وتوسطت أخته في إخراجه. إلى أن تولى والٍ آخر وعرف خبره، فاستحضره وهدده فلم يلتفت إلى تهديده فغضب وأمر بتعذيبه. وكان ملاك الرب يأتي إليه ويعزيه. وأخيراً أمر الوالي بقطع رأسه. فنال إكليل الشهادة. فكفنه ذووه، ووضعوه في مكان إلى انقضاء زمن الاضطهاد حيث بنوا له كنيسة. وكانت تظهر من جسده آيات عظيمة. ولهذا القديس كنيسة أثرية في ريفا مركز أسيوط، ويُقام له سنوياً احتفال عظيم في يوم استشهاده، وينال زائروه ـ ببركة هذا القديس وبشفاعته ـ الشفاء من الأمراض المختلفة. ومما يذكر أنه يوجد في هذه الكنيسة حجر أثري، له تأثير عظيم في إبعاد العقارب عنها إلى يومنا هذا. صلاته تكون معنا. آمين.


2 ـ وفي هذا اليوم أيضاً من سنة 1511 للشهداء الأبرار ( 1795م ) تنيح الأرخن العظيم والمُحسن الكريم المعلم إبراهيم الجوهري. نشأ هذا الرجل الكامل والعصامي الكريم، في القرن الثامن عشر للميلاد، من أبوين فقيرين متواضعين. وكان اسم والده يوسف جوهري، وكان صناعته الحياكة في بلدة " قليوب ". وكانا أبواه مملوئين نعمة وإيماناً. ربياه التربية الدينية في كُتَّاب البلدة، فتعلَّم الكتابة والحساب وأتقنهما، وأشتهر منذ حداثته بنسخ الكتب الدينية، وتقديمها إلى الكنائس على نفقته الخاصة. وكان يأتي بما ينسخه من الكتب إلى البابا يوحنا الثامن عشر والبطريرك السابع بعد المائة، الذي تولى الكرسي من سنة 1486 إلى 1512 للشهداء ( 1769 ـ 1796م ). وقد لفتت أنظار هذا البابا كثرة الكتب التي قدمها إبراهيم الجوهري وكثرة ما تكبده من النفقات في نسخها وتجليدها، فاستفسر منه عن موارده، فكشف له إبراهيم عن حاله، فَسُرَّ البابا من غيرته وتقواه، وقرَّبه إليه وباركه قائلاً: " ليرفع الرب اسمك ويبارك عملك، وليقم ذكراك إلى الأبد ". وتوثقت العلاقات بعد ذلك بينه وبين البابا. والتحق إبراهيم في بدء أمره بوظيفة كاتب لأحد أمراء المماليك، ثم توسط البابا لدى المعلم رزق رئيس الكتَّاب وقتئذ، فاتخذه كاتباً خاصاً له واستمر في هذه الوظيفة إلى آخر أيام على بك الكبير الذي ألحقه بخدمته. ولما تولى محمد بك أبو الذهب مشيخة البلاد، اعتزل المعلم رزق رئاسة الديوان وحلَّ محله المعلم إبراهيم، فسطع نجمه من هذا الحين. ولمَّا مات أبو الذهب وخلفه في مشيخة البلاد إبراهيم بك، تقلد المعلم إبراهيم رئاسة كتَّاب القطر المصري وهى أسمى الوظائف الحكومية في ذاك العصر وتعادل رتبة رئاسة الوزارة. ولم يؤثر هذا المنصب العظيم في أخلاق إبراهيم الجوهري بل زاده تواضعاً وكرماً وإحساناً حتى جذب إليه القلوب، ومن فرط حب إبراهيم بك له، أولاه ثقته حتى آخر نسمة من حياته، فأخلص له الجوهري كل الإخلاص. وتزوج المعلم إبراهيم من سيدة فاضلة تقية شاركته في أخلاقه الطيبة، وعاونته في أعمال البر والإحسان، وشجعته على تعمير الكنائس. ورزق منها بولد اسمه يوسف، وابنه اسمها دميانة. وكان يقطن بجهة قـنطـرة الـدكة. ولمَّا ترعرع ابنه، عزم على تأهيله فأعدَّ له داراً خاصة به، جهزها بأفخر المفروشات وأثمن الأواني والأدوات، واستعدَّ لحفلة الزفاف، ولكن شاءت إرادة الله أن تختاره وتضمه إلى الأحضان الإبراهيمية قبل زواجه، فحزن عليه والداه حزناً شديداً، وأغلق المعلم إبراهيم الدار التي جهزها له وبقيت مغلقة إلى أن نُهبت. وقد كان لوفاة هذا الابن الوحيد، أثر كبير في نفس إبراهيم وزوجته، فازداد رغبة في مساعدة الأرامل واليتامى والمساكين، وتعزية الحزانى والمنكوبين، فأدهش جميع عارفيه بصبره الغريب واحتماله آلام الفراق، وخيبة الأمل. ولمَّا أرادت زوجته الأعتراض على أحكام الله، ترآى لها القديس أنطونيوس الكبير كوكب البرية في حلم وعزاها قائلاً: " اعلمي يا ابنتى أن الله أحب ولدك، ونقله إليه شاباً كما أحب والده لحكمة قصدها، لحفظ اسم المعلم الكبير نقيّاً، إذ ربما أفسد ولده شهرته، وعاب اسمه. وهذا خير جزاء من الله تعالى لزوجك على بره وتقواه، فتعزيا وتشجعا واستأنِفا أعمالكما المرضية ". قال هذا واختفى. وقد ترآى القديس أنطونيوس في الوقت ذاته للمعلم إبراهيم وعزَّاه وشجعه. ولما استيقظت الزوجة توجهت إلى زوجها، وقصت عليه الرؤيا، فأجابها بأنه رأى نفس الرؤيا في هذه الليلة، فسلَّما الأمر لله، واستبدلا لباس الحداد باللباس العادي، وامتلأ قلباهما عزاء وشاركته زوجته في جميع أعماله الخيرية وصدقاته، حتى يوم وفاته. وقد توفيت كريمته دميانة بعدُه بزمن قليل، وهى عذراء في ريعان الشباب. استمر المعلم إبراهيم في رئاسة الديوان حتى حصل انقلاب في هيئة الحكام، وحضر لمصر حسـن باشـا قـبطان، موفـداً من الباب العالي فقاتـل إبراهيم بك شـيخ البلد، ومراد بك أمير الحـج، واضطرهما للهرب إلى أعالي الصعيد، ومعهما إبراهيم الجوهري، وبعض الأمراء وكُتَّابهم. ودخل قبطان باشا القاهرة، فَنَهبَ البيوت، وأنزَل الظُّلم والعدوان بالأهالي، واضطهد المسيحيين ومنعهم من ركوب الدواب المطهمه، ومن استخدام المسلمين في بيوتهم، ومن شراء الجواري والعبيد وألزمهم بشد الأحزمة وتسلط العامة عليهم فاختبأوا في بيوتهم وكفوا عن الخروج أياماً. وأرسل يطلب من قاضي القضاة، إحصاء ما أوقفه المعلم إبراهيم الجوهري عظيم الأقباط على الكنائس والأديرة من أطيان وأملاك وغير ذلك. وبسبب هذه الأحوال اختفت زوجة المعلم إبراهيم الجوهري في بيت أحد المسلمين. وكان لزوجها عليه مآثر كبيرة، فبحث عنها أعوان السوء ناكرو الجميل والاحسان، ودلوا حسن باشا على مكان اختفائها، فأجبرها على الاعتراف بأماكن مقتنياتهم، فأخرجوا منها أمتعة وأواني ذهب وفضة وسروج وغيرها وبيعت بأثمان عالية ودلَّ بعضهم على مسكن المرحوم يوسف ابن المعلم إبراهيم فصعدوا إليه واخرجوا كل ما فيه من المفروشات وأثمن الآواني والأدوات، وأتوا بها إلى حسن باشا فباعها بالمزاد وقد استغرق بيعها عدة أيام لكثرتها. واستمر حسن باشا في طغيانه إلى أن اُستُدعيَّ إلى الاستانة، فبارحها غير مأسوف عليه وبعد فترة عاد إبراهيم بك ومراد بك إلى منصبيهما ودخلا القاهرة في 7 أغسطس سنة 1791م، وعاد المعلم إبراهيم الجوهري واستأنف عمله وعادت إليه سلطته ووظيفته، ولكنه لم يستمر أكثر من أربع سنوات وقد ظل محبوباً من الجميع لآخر أيامه. وقد أطلق عليه الناس لقب سلطان الأقباط كما دل على ذلك نقش قديم على حجاب أحد هياكل كنائس دير الأنبا بولا بالجبل الشرقى، والكتابة المدونة على القطمارس المحفوظ في هذا الدير أيضاً. وقال عنه الجبرتي المؤرِّخ الشهير: " إنه أدرك بمصر من العظمة ونفاذ الكلمة وعظمة الصيت والشهرة ـ مع طول المدة ـ ما لم يسبق لمثله من أبناء جنسه، وكان هو المشار إليه في الكليات والجزئيات، وكان من ساسة العالم ودهاتهم، لا يغرب عن ذهنه شيء من دقائق الأمور، ويدارى كل إنسان بما يليق به من المداراة، ويفعل ما يوجِب انجذاب القلوب والمحبة إليه وعند حلول شهر رمضان كان يُرسل إلى أرباب المظاهر ومن دونهم الشموع والهدايا. وعُمِّرت في أيامه الكنائس والأديرة وأوقف عليها الأوقاف الجليلة والأطيان، ورتَّب لها المرتبات العظيمة والأرزاق المستديمة والغلال ". وقال عنه الأنبا يوساب الشهير بابن الأبحّ أسقف جرجا وأخميم: " أنه كان من أكابر أهل زمانه وكان محباً لله يوزع كل ما يقتنيه على الفقراء والمساكين، مهتماً بعمارة الكنائس. وكان محباً لكافة الطوائف. يُسالم الكل ويحب الجميع ويقضي حوائج الكافة ولا يميز واحداً عن الآخر في قضاء الحق ". هذا مختصر حياته العامة. أمَّا عمله الطائفي فيمكن تلخيصه فيما يأتى: " اشتهر المعلم إبراهيم الجوهرى بحبه الشديد لتعمير الكنائس والأديرة واصلاح ما دمرته يد الظُّلم. فبواسطة نفوذه الحكومى، وما له من الأيادى البيضاء على الحكَّام المسلمين، تمكَّن من استصدار الفتاوى الشرعية بالسماح للأقباط بإعادة ما تهدم من الكنائس والأديرة، وأوقف الأملاك الكثيرة والأراضى والأموال لإصلاح ما خرب منها وقد بلغت حجج تلك الأملاك 238 حجة مدونة في كشف قديم محفوظ بالدار البطريركية. كما اشتهر بنسخ الكتب الثمينة النادرة، واهدائها لجميع الكنائس والأديرة، فلا تخلو كنيسة من كتبه وآثاره. وهو أول من سـعى في إقامـة الكنيسـة الكبرى بالأزبكـية، وكان مُحرَّمـاً على الأقباط في الأزمنة الغابرة أن يشيِّدوا كنائس جديدة أو يقوموا بإصلاح القديم منها، إلا بإذن من الهيئة الحاكمة، يحصلون عليه بعد شق الأنفس. فاتفق أن إحدى الأميرات قَدُمَت من الاستانة إلى مصر لقضاء مناسك الحج، فباشر المعلم إبراهيم بنفسه أداء الخدمات اللائقة بمقام هذه الأميرة، وأدى لها الواجبات اللازمة لراحتها وقدَّم لها هدايا نفيسة، فأرادت مكافأته وإظهار اسمه لدى السلطان فالتمس منها السعي لإصدار فرمان سلطاني بالترخيص له ببناء كنيسة بالأزبكية، حيث يوجد محل سكنه، وقدم لها بعض طلبات أخرى خاصة بالأقباط والاكليروس فأصدر السُّلطان أمراً بذلك. ولكن عاجلته المنيَّة قبل الشروع في بناء الكنيسة، فأتمها أخوه المعلم جرجس الجوهري. ولكي لا تتغير مواعيد الصلاة بكنيسة العذراء الكبرى بحارة زويلة لعامة الشعب، قام بإنشاء كنيسة صغرى برسم الشهيد مرقوريوس أبي سيفين بجوارها، حتى يتمكن موظفو الحكومة من حضور القداس معه فيها، بما يتفق مع مواعيد العمل في مصالحهم وقام بتجهيز أصناف الميرون ومواده على حسابه الخاص، وأرسلها بصحبه أخيه المعلم جرجس لغبطة البابا البطريرك بالقلاية العامرة وفي سنة 1499 ش ( 1783م ). بَنى المعلم إبراهيم السور البحري جميعه وحفر ساقية لدير كوكب البرية القديس أنطونيوس بعد أن أهتم ببناء هذا السور من القبلي والغربي في سنة 1498 ش، ويعرف إلى الآن باسم سور الجوهري. وقام أيضاً بتجديد مباني كنيسة العذراء المغيثة بحارة الروم في سنة 1508 ش ( 1792م ) وشيَّد كنيسة أبي سيفين بدير أنبا بولا في الجبل الشرقى، وشيَّد بدير البرامـوس كنيسـة أنبا أبللـو وأنبا أبيـب ( ولكنها هُدمت في سنة 1881م لتوسيع كنيسة مار يوحنا ) وقصر السـيدة بالبراموس وقصر السيدة بالسريان، وأضاف إلى دير البراموس خارجة من الجهة القبلية، وبنى حولها سوراً وبلغت مساحتها 2400 متراً مربعاً. وبالاختصار بنى كنائس كثيرة وعمَّر البراري وبنى الأديرة واهتم بالرهبان الساكنين فيها، وفرق القرابين، وأيضاً الشموع والزيت والستور وكتب البِيِعة على كل كنيسة، في أنحاء القطر المصري، ووزع الصداقات على جميع الفقراء والمساكين في كل موضع، واهتم لهم بالطعام والكسوة، وكذا الأرامل واليتامى الذين ليس لهم من يهتم بهم، ورتب لهم في كل شهر ما يقوم بكفياتهم، وذلك حسب ما شهد له به ابن الابحّ في مرثية البابا يوأنس البطريرك ( 107 ). وظل على هذه الحال إلى أن انتقل إلى دار الخلود في يوم الاثنين 25 بشنس سنة 1511ش ( 31 مايو سنة 1795م ) فحزن عليه الجميع كما أسف على وفاته أمير البلاد ‘إبراهيم بك، فسار في جنازته إكراماً له وتقديراً منه لمقامه السامي، ورثاه البابا يوأنس الذي كان يخصه بعظيم محبته وقد دُفِنَ في المقبرة الخاصة التي بناها لنفسه بجوار كنيسة مارجرجس بمصر القديمة وأوقف على هذه المقبرة وقفاً يصرف ريعه على " قنديل لا يُطفأ ليلاً ونهاراً ". نعم. مات هذا الرجل كما مات آباؤه وأجداده من قبله. مات ولم يترك نَسلاً، ولكن ذكراه باقية لأن ذِكر الصدِّيق يدوم إلى الآبد. وقد اهتمت جمعية نهضة الكنائس القبطية الأرثوذكسية بالقاهرة بتجديد مقبرة الجوهري بدرب التقا بمصر القديمة، فأصبحت كعبة المعجبين بأعمال هذين الأخوين البارين. أما سيرة أخيه المعلم جرجس الجوهري فهى مدونة في السابع عشر من شهر توت سنة 1557 ش 27 سبتمبر سنة 1810م يوم تذكار نياحته. ولربنا المجد دائماً. آمين.






مزمور القداس


من مزامير أبينا داود النبي ( 44 : 5 )


تقلَّد سيفك على فخذك. أيُّها القويُّ. بحسنِك وجمالِك. استلّه وانجح واملك. هللويا.


إنجيل القداس


من إنجيل معلمنا متى البشير ( 12 : 9 ـ 23 )


ثمَّ انتقل من هناك ودخل مجمعهم، وإذا إنسانٌ يده يابسةٌ، فسألوه قائلين: " هل يَحلُّ أن يُشفى في السَّبت؟ " لكي يشتكوا عليه. فقال لهم: " أيُّ إنسان منكُم يكون له خروفٌ واحدٌ، فإن سقط هذا في السَّبت في حفرةٍ، أفما يمسكه ويُقيمه؟ فالإنسان كم هو أفضل من خروفٍ! إذاً يَحلُّ فِعْلُ الخير في السُّبوت! " حينئذٍ قال للرجل: " مُدَّ يَدكَ ". فمدَّها. فعادت صحيحةً كالأخرى. فلمَّا خرج الفرِّيسيُّون تشاوروا عليه لكى يهلكوه، فعلِم يسوع وانتقل من هناك. وتبعته جموعٌ كثيرةٌ فشفاهم جميعاً. وأمرهم أن لا يظهروه، لكي يتمَّ ما قيل بأشعياء النَّبيِّ القائل: " هوذا فتاى الذي ارتضيت به، حبيبي الذي سُرَّت به نفسي. أضع عليه روحي فيُخبِر الأُمم بالحقِّ. لا يُخاصِم ولا يصيح، ولا يسمع أحدٌ في الشَّوارع صوته. قصبةً مرضوضةً لا يقصف، وفتيلةً مُدخِّنةً لا يُطفئ، حتَّى يُخرج الحقَّ إلى النُّصرة. وعلى اسمه يكون رجاء الأُمم ". حينئذٍ قُدِّمَ إليه أعمى مجنونٌ وأخرس فشفاه، حتَّى أنَّ الأخرس تكلَّم وأبصرَ. فَبُهتَ كل الجموع وقالوا: " ألعلَّ هذا هو ابن داود؟ ".


( والمجد للـه دائماً )

ليست هناك تعليقات: